مقالات

الاقتصادات الناشئة وتدفقات رؤوس الأموال

يكمن الحل بالنسبة لتدفقات رؤوس الأموال في البنوك المركزية التي تصدر عملات احتياطية وينبغي لها بالتالي أن تكون مهتمة حقا بصحة الاقتصاد العالمي. وبالتنسيق مع صندوق النقد الدولي وبنوك التنمية متعددة الأطراف، يجب أن تعمل على إنشاء أداة ذات غرض خاص تعمل كجسر بين الكم الهائل من السيولة العالمية المتاحة حاليا واحتياجات التمويل المتنامية في الاقتصادات الناشئة.
تحديدا ستصدر الأداة ذات الغرض الخاص سندات، وستشتريها البنوك المركزية الرائدة في إطار برامج التيسير الكمي لديها، ثم تقرض الاقتصادات الناشئة عائدات هذه السندات. ومع بعض التعزيزات الائتمانية، يمكن تحويل هذه القروض إلى أوراق مالية وتداولها مثل غيرها من الأصول المالية. ستحتاج الأداة ذات الغرض الخاص بعض رأس المال من أجل تحقيق الحد الأدنى من التصنيف الائتماني المطلوب من قبل البنوك المركزية التي ستشتري سنداتها: ومن الممكن أن تتولى بنوك التنمية متعددة الأطراف والحكومات الوطنية توفيره.
كما ستتولى بنوك التنمية متعددة الأطراف هيكلة القروض الجديدة والإشراف عليها وخدمتها، وهو ما يمكن تبادله بين الأداة ذات الغرض الخاص وبنوك التنمية متعددة الأطراف. لكن الجزء الخاص بالأداة ذات الغرض الخاص من القروض لن يسجل بطبيعة الحال على دفاتر ميزانيات بنوك التنمية متعددة الأطراف، ولن يؤثر بالتالي في تصنيفها الائتماني. ويجب أن تستخدم قروض الأداة ذات الغرض الخاص فقط لمعالجة حالة الطوارئ المرتبطة بجائحة كوفيد – 19 بما في ذلك التعافي.
ستقرر البنوك المركزية التي تمول هذه الآلية أي الدول يمكنها الوصول إليها. على سبيل المثال، من المحتمل أن يكون بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي غير راغب في تقديم السيولة للأداة ذات الغرض الخاص التي تستفيد منها دولة دائنوها الرئيسيون صينيون. وكي يحدث ذلك، ستحتاج الصين إلى تمويل الخطة أيضا.
علاوة على ذلك، من الممكن أن تخدم الأداة ذات الغرض الخاص كوسيلة لتخفيف المخاطر بغرض جلب مزيد من رأس المال الخاص إلى الاقتصادات الناشئة. على سبيل المثال، يمكنها توفير ضمانات رأس المال للاستثمار المباشر الأجنبي في الشراكات بين القطاعين العام والخاص أثناء مرحلة التعافي بعد الجائحة.
أخيرا، يجب أن تستخدم بنوك التنمية متعددة الأطراف ميزانياتها الخاصة بشكل أكثر فاعلية لدعم التعافي الاقتصادي. وهي قادرة على، وينبغي لها، تقديم الكثير بدءا بتحسين قدرتها على الوصول إلى مصادر بديلة للسيولة من أجل زيادة قدرتها المالية. ومن الممكن أن تعمل الأداة ذات الغرض الخاص المقترحة على توفير دعم السيولة التي تفتقر إليها بنوك التنمية متعددة الأطراف حاليا. الواقع أن مجموعة الشخصيات البارزة التابعة لمجموعة العشرين أوصت بهذا تحديدا في تقرير صادر عام 2018، وأشارت تقديراته إلى أن مثل هذا المرفق من شأنه أن يمكن البنك الدولي من توسيع إقراضه بما لا يقل عن 10 في المائة وبنوك التنمية متعددة الأطراف بقدر أكبر كثيرا.
بدلا من إنشاء بنية مالية دولية جديدة في هذه الأوقات غير العادية، يجب أن يركز صناع السياسات على تعديل النظام الحالي. ومن الواضح أن إنشاء أداة ذات غرض خاص سيكون أكثر بساطة وسرعة من الخيارات البديلة التي تتطلب إجراءات تشريعية.
بطبيعة الحال، لن تؤدي آلية الإقراض العالمية الإضافية إلى حل كل المشكلات التي تواجهها الاقتصادات الناشئة اليوم. لكنها ستزودها ببعض الأدوات الجديدة. ويتطلب تجهيز هذه الآلية الحسم والتنسيق على المستوى الدولي، وهي المبادئ ذاتها التي ستساعدنا على إلحاق الهزيمة بالفيروس ذاته.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2021.

مقالات ذات صلة

اترك ردا

زر الذهاب إلى الأعلى