تحليلات

كيف تضع صفقات الشَّرَاكَة الاقتصاديَّة لغرب إفريقيا العربة أمام الحصان؟ /مايكل أوديجي – ذي كونفرسيش

مايكل أوديجي – ذي كونفرسيشن

اتفاقية التجارة الحُرَّة، بمعناها الأساسي، هي محاولة مِن قِبَل الدول الصناعية القائمة لإيجاد أسواق جديدة، وتنبع حاجتهم إلى القيام بذلك من التصنيع؛ أي هي عملية تطوير القطاعات التي تجتذب مستويات عالية من الحماية في السوق الدولية.

بعبارة أخرى، عادة ما تكون القطاعات المحليَّة التي تبحث عن أسواق هي القوة الدافعة وراء اتفاقيات التجارة الحُرَّة. ومعظم البلدان الإفريقية ليس لديها أنواع الصناعات اللازمة للاستفادة من التجارة الحُرَّة، ومن ثَمَّ فإن تطوير سياسة صناعية (أو سياسة إنتاج) هو السبيل لبناء مثل هذه الصناعات، ويمكن لمنطقة التجارة الحُرَّة الإقليمية أن تخلق توترًا يمنع التنمية الفعَّالة لتلك الصناعات.

إنَّ نهج إفريقيا تجاه اتفاقيات التجارة الحُرَّة، سواء في شكل شراكات اقتصاديَّة مع الاتحاد الأوروبي أو التكامل الإقليمي والقارّيّ، يضع العربة أمام الحصان؛ لأنَّ التجارة الحُرَّة المبكّرة قد تُقلِّص من قدرة البلد على المناورة لوضع السياسات اللازمة لبناء القطاعات المحلية. كما أنه قد يُعيق القطاعات التجارية من خلال العديد من مشاكل التنسيق- وهو ما أركّز عليه هنا.

على سبيل المثال: لدى الاتحاد الأوروبي (EU) سلسلة من اتفاقيات الشَّراكة الاقتصاديَّة مع مختلف مناطق إفريقيا جنوب الصحراء. وفي كلّ منطقة، عملت الاتفاقية على تسريع التكامل الإقليميّ وإنشاء تعريفة خارجيَّة مشتركة. ومع ذلك، فإنَّ هذه العملية تعرقل تنمية القطاعات التجارية بسبب مشاكل التنسيق. وتُعدّ الاتفاقية الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبيّ والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ECOWAS) مثالاً على ذلك.

لقد بحثت في إحدى مشكلات التنسيق التي نشأت في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا من عملية التفاوض بشأن قائمة الاستثناءات في اتفاقية الشراكة الاقتصادية. تحدث هذه المشكلة عندما تكرر بعض البلدان الإفريقية سياسات بعضها البعض.

الفشل في التنسيق:

بموجب الاتفاقية الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبيّ، يتعيّن على الهيئة الإقليمية تحرير 75٪ من وارداتها من الكتلة الأوروبية. يمكن استبعاد نسبة الـ25٪ المتبقية من الاتفاقية، وكذلك يمكن حماية المنتجات المحلية من منافسة واردات الاتحاد الأوروبي.

ومن ناحية أخرى فإنه يتم استثناء المنتجات الحسَّاسة لحماية الصناعات المحلية القائمة، ودعم القطاع الحالي والمستقبلي أو السياسة الصناعية. تتضح مشكلة التنسيق بشكل جيد في حالة اختيار نيجيريا للسُّكَّر كأحد المنتجات للاستثناء الإقليميّ؛ لقد فعلت ذلك لأن لديها سياسة صناعية قائمة بشأن السُّكّر والتي تتطلب الحماية المحلية.

وهذا يعني أن دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا لا يمكنها استيراد سكر أرخص من الاتحاد الأوروبي، وهذا يترك للبلدان الأخرى خيارين آخرين: يمكنهم استيراد السكر من نيجيريا، أو تطوير قطاعات السكر الخاصة بهم.

الخيار الأول سيفيد قطاع السكر في نيجيريا من خلال منحه أسواق 14 دولة أخرى في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا. هذا هو الأساس المنطقي الرئيسي للتكامل الإقليمي. لكنَّ الخيار الثاني هو الأرجح ولسبب واحد، وهو أنه لا تزال صناعة السكر في نيجيريا في مهدها، وبالتالي لا تنتج ما يكفي للاستفادة من السوق الإقليمية.

لذلك من المرجَّح أن تؤدّي الحماية الإقليمية إلى تحريض السياسة الصناعية الوطنية في العديد من البلدان المجاورة على العمل بالمثل، أما الخيار الثاني فيمثل مشكلة؛ لأنه إذا كان لدى معظم البلدان في منطقة معينة سياسة صناعية في نفس القطاع، فسيتم إضافة هذا القطاع إلى القائمة الوطنية للمنتجات الحساسة، مما يمنع البلدان المجاورة من التصدير إليها.

إنتاج الدجاج هو مثال آخر على ذلك؛ ففي نهاية عام 2004م، بينما اعتمدت معظم دول غرب إفريقيا على الواردات الرخيصة من أجزاء الدجاج من الاتحاد الأوروبي، سعت كوت ديفوار إلى حماية إنتاج الدجاج المحلي. أدَّى هذا إلى إحياء صناعة الدواجن المحتضرة مع انخفاض الواردات وزيادة الإنتاج. في عام 2012م قررت الحكومة الإيفوارية زيادة الاستثمار في تربية الدواجن، ووضعت خُطة تطوير لهذا الغرض، حيث تتضمن الخطة استراتيجية البدء في تصدير أعداد كبيرة من الدجاج إلى المناطق الفرعية في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.

وقد أدَّى استكمال اتفاقية الشراكة الاقتصادية في يوليو 2014م إلى تغيير كلّ هذا؛ فبعد إدراج الدواجن كمُنْتَج مُستبعَد، بدأت سبع دول مجاورة في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في تطوير صناعات الدواجن. غانا، على سبيل المثال، أطلقت برنامجًا بعد ستة أيام فقط من توقيع الاتفاقية كان يعتمد في السابق على واردات أجزاء الدجاج الرخيصة من الاتحاد الأوروبي، وكان سوقًا مستهدفًا لكوت ديفوار.

كان تأثير اتفاقية الشراكة الاقتصادية على استراتيجية صناعة الدواجن في كوت ديفوار هو إغلاق سوقها الإقليمي؛ حيث قامت جميع البلدان المجاورة بتكرار هذه السياسة، ومِن ثَمَّ فقد كانت عديمة الجدوى، وهذه المشكلة ليست مقصورة على إنتاج الدواجن أو الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا؛ فقد أشارت دراسة أُجْرِيَتْ في بوتسوانا إلى أنه عندما تنجح السياسة الصناعية هناك، فعادة ما يتم نسخها مِن قِبَل جنوب إفريقيا. ودعا مُعِدُّو الدراسة إلى تكامل السياسة الصناعية لبوتسوانا مع سياسة جنوب إفريقيا لتجنُّب ذلك.

ماذا يجب أن تفعله الهيئة الإقليمية؟

حلّ هذه المشكلة هو التفاوض على تقسيم العمل على المستوى الإقليمي، فيجب على الدول أن تُشكّل مجلسًا صناعيًّا يُجسّد السياسات الصناعية لدولة واحدة، ويستخدمها كأساس للتفاوض الإقليمي مع سياسات الإنتاج للدول الأخرى.

على مستوى المفاوضات الإقليمية، سوف تتضح مشاكل التنسيق منذ البداية. من شأن هذا النهج أن يساعد البلدان السلبية على أن تصبح نَشِطَة في تطوير سياسات الإنتاج، ومن الناحية المثالية، فمثلما يبدأ التكامل الإقليمي القائم على التجارة بتحرير التجارة، وينتهي بسياسة تجارية مشتركة؛ فإن التكامل الإقليمي القائم على الإنتاج سيؤدي إلى سياسة إنتاج مشتركة (تنسيق الإنتاج). وتنبع سياسة الإنتاج المشتركة من تنسيق سياسات الإنتاج لمختلف البلدان، سيكون الهدف هو تزويد المنطقة بأكملها أو بناء سلسلة قيّمة من الروابط التكميلية.

نقلا عن قراءات إفريقية

مقالات ذات صلة

اترك ردا

زر الذهاب إلى الأعلى