تحليلات

استنتاجات سريعة على هامش غزوة تازيازت الجنوبية/ محمد السالك ولد إبراهيم

يعكس الإتفاق الذي أُبرم يوم أمس بين الحكومة الموريتانية وعملاق الذهب الكندي كينروس، الملاحظات الأولية التالية:

1. غياب التوازن: فلا يعقل أن تنجح دولة تحترم نفسها مثل موريتانيا، عندما تقرر أن تتفاوض حكومتها التي ليس لها أي تمثيل دبلوماسي أو قنصلي في دولة كندا وهي البلد الأم لشركة كينروس الخصوصية الدولية (متعددة الجنسيات)، لسبب وجيه وهو أن المفاوضات بين الدول والشركات هي مفاوضات سياسية بالدرجة الأولى قبل أن تكون مفاوضات اقتصادية وفنية؛

2. سوء تقدير نهم الشركات متعددة الجنسيات: فقد أنتجت شركة كينروس في سنة 2019 ما مجموعه 2,5 مليون أونصة من الذهب الخالص في مناطق مختلفة من العالم، توجد 23 في المائة منها في منطقة غرب إفريقيا، وحصلت منها على دخل يزيد على 4,5 مليار دولار.. إذن هذه الشركة لن تتردد في زيادة أرباحها السهلة من مشروع ضعيف التكلفة بجوار المنطقة الأصلية التي ظلت تستغلها منذ 10 سنوات؛

3. أكدت الشركة بأنها استخرجت فعليا في موريتانيا خلال السنة الماضية وحدها، 391.097 أونصة من الذهب الخالص، وحيث أن سعر الأونصة الواحدة تجاوز 1700 دولار أمريكي، فيعني ذلك تحقيق دخل للشركة يزيد على 660 مليون دولار في سنة 2019؛

4. ثروة على طبق من ذهب: بموجب اتفاق أمس، منحت الحكومة ثروة البلاد على طبق من ذهب للشركة، عندما قبلت منحها رخصة لاستغلال الذهب مدة 30 سنة في منطقة تقع 10 كلم جنوب المنجم الحالي، تحت مسمى حركي Tasiast Sud، مقابل 15 مليون دولار فقط، بينما يقدر احتياطي الذهب الخالص في هذه المنطقة بـ 2,5 مليون طن، خاصة في المقطعين C613 & C615 .

5. تظهر توقعات الشركة تدفقات نقدية كبيرة ستحصل عليها من هذه الصفقة تتجاوز 4 مليار دولار في السنوات القليلة القادمة، خاصة عندما يزيد إنتاجها من الذهب ضعيف التكلفة، ابتداء من سنة 2021 حيث يقدر الإنتاج بـ 473 ألف أونصة من الذهب، ليصل إلى 622 ألف أونصة سنة 2022، ثم يتصاعد إلى 842 ألف أونصة في سنة 2027؛

6. التباين بين حساب البيدر وحساب الحقل: الأغرب هو أن ينص الإتفاق على أن تقوم الحكومة الموريتانية بسداد 40 مليون دولار تقريبًا من ضريبة القيمة المضافة المستحقة بين 2021 و 2025.. فماذا يعني ذلك عمليا؟ هل هي مجرد عملية حسابية من نوع شبيكو؟ تعطونا حالا 25 مليون دولار ونسددها لكم بعد حين بـ 40 مليون دولار؟ شيء لا يصدق؟؟؟

7. جزاكم الله خيرا: يقول المثل الفرنسي بأن “حسن الوفاء في مجال الحسابات هو الذي يولد الصداقات الجيدة” وبالتالي، يقول لكم لسان حال كينروس: جزاكم الله خيرا.. وكل عام وأنتم بخير.. لقد آثرتمونا على أنفسكم رغم خصاصتكم، ورغم أن هذه الثروة لكم ومن حقكم.. ورغم أن شعبكم هو أحوج ما يكون إليها، خاصة في هذا الزمن الكوفيدي الرديء لكن الكرم وحسن الضيافة جعلكم تخصونا بهذا الإتفاق.. فبارك الله لكم في نسبة 4.0 – 6.5% كتعويض عن حقوق الملكية..
8. عوضنا الله خيرا عن هذا الإتفاق وأمثاله..

مقالات ذات صلة

اترك ردا

زر الذهاب إلى الأعلى