تحليلات

سوء إدارة الموارد الطبيعية يعزز الفقر والفوارق الاجتماعية في بلادنا/ د. يربانا الحسين الخراشي

سوء إدارة الموارد الطبيعية .. يعزز الفقر والفوارق الإجتماعية في بلادناتعد إدارة العائدات بشكل شفاف، ومثمر من أبرز التحديات التي تواجهما بلادنا، إذ من المعروف أن عائدات قطاع التعدين متذبذبة، ومؤقتة، وهذا ما يحتم علينا التعامل معها بشكل مختلف عن العائدات الأخرى، ولكن للأسف هذا ما لم يحدث خلال الـ 60 سنة الماضية، حيث بقي إنفاق عائدات الموارد المعدنية وكأنها عائدات مستدامة، مما جعلها تتأثر، ويتأثر معها اقتصاد البلاد بفترات طفرات، وركود أسعار المادة الخام في سوق دولية لا ترحم و لنا في حالة الميزان التجاري بين بلادنا، وشريكها التجاري الأول الصين خيردليل لمدى تأثير أسعار خام الحديد على اقتصادنا، حيث تم تسجيل عجز في الميزان التجاري بين بلادنا والصين خلال سنة 2018 بواقع 175 مليون دولار حين كان متوسط سعرالحديد الخام 71 دولارا للطن، بينما تم تحقيق فائضا في الميزان التجاري يفوق 700 دولار خلال تسعة أشهر فقط من العام الجاري الذي بلغ فيه متوسط سعر طن خام الحديد حوالي 165 دولارا .وقد كشف مؤشرحوكمة الموارد 2017 الصادر عن معهد حوكمة الموارد الطبيعية أن بلادنا حصدت 10 نقاط من أصل 100 في مجال إدارة عائدات قطاع المعادن سنة 2017، وهي بذلك أسوأ دولة عربية، وثاني أسوأ دولة إفريقية بهذا الخصوص .بل ليت الأمر اقتصر على مجرد سوء إدارة للعائدات، إذ من الملاحظ أنه خلال السنوات الماضية تم استعمال طفرة أسعار خامات الحديد (2009-2014) من أجل الاقتراض، حيث ارتفع الدين الخارجي الموريتاني من 1.2 مليار دولارسنة 2007 إلى حوالي 5 مليار سنة 2019 .أما التحدي الأكبر والأهم فيكمن في كيفية تحويل العائدات إلى أصول مستدامة واستثمارات مثمرة في الأجيال عن طريق التعليم الجيد، و كذلك في البنية التحتية حتى نستطيع استغلال ثروتنا الحقيقية المتمثلة في الموقع الجغرافي الاستراتيجي لبلادنا ، وكل ذلك مع مراعات التوزان بين حقوق السكان المحليين حيث الثروة، والحقوق الوطنية، وكذلك الحقوق التاريخية للمكونات المغبونة والمهمشة.و أخشى ما أخشاه أن تدار عائدات الغاز بنفس طريقة عائدات المعادن ، وهذا ما سيؤدي إلى تحويل هذه النعمة إلى نقمة، مما يعزز من الفقر ، ويزيد عمق الشرخ في جسد الوحدة الوطنية، ويدخل بلادنا في دوامة ما يعرف بلعنة الثروات الطبيعية، فلا فائدة من استغلال الموارد إذا لم تقود إلى الرخاء المشترك، وتساهم في القضاء على الفوارق الاجتماعية خاصة تلك الناجمة عن الرق ومخلفاته.

مقالات ذات صلة

اترك ردا

زر الذهاب إلى الأعلى